لحظة...
..
..
هناك من يصرخ داخل رأسي ..
قاطع صراخ سائق الأجرة المتهور روايتي عن حذائي
فتحت الباب , راعيت وتكلفت في المراعاة اللا تصاب الفردة اليسرى من الحذاء ببقعة الطلاء من الباب
السائق الحذق يهددني برمي أمتعتي من سيارة الأجرة إن لم آتي الآن وادفع
نزلت الدرج مسرعه, بضع درجات وهرولت بكل ثبات لئلا يتبين للسائق انني مكترثه لتهديده , في منتصف طريقي إليه
احسست بشيء ..
...لا تقولي ذلك, كم امقت هذا الشعور , لقد تذكرت شيئا يجدر بي ألا ان انساه, هذه المره دور محفظة نقودي ,
اعتقد انها تفضل ان يكون دورها في كل مره, أهي سياسية جذب الانتباه !...
لقد اكتسبت هذا الطبع من البشر , فهم يبقون خلفنا ويتركوننا مبتعدين, مدّعين اننا من تركناهم لكي نضطر لتذكرهم دائماً وبكثير من الأحيان ليرتاحوا من مهمة البقاء بجانبنا الشاقة, كم آكره الجوآمد فهي تشبهنا كثيراً !
التفت للخلف وانا استرق النظر بطرف عيني للسائق الذي بدا متبرما لحد تقلب عينيه وصوته من الانتظار ازددت خوفاً منه على امتعتي وحرجاً من جيراني الذي عرفهم علي صوت سائق الأجرة منادياً اياي كأنه بسوق شعبي, صعدت الدرج ,درجتين درجتين ,
ووثبت متخليه عن كل الثبات الذي ادعيته سابقاً ,
هــووب
حسناً , هدئ من روعكِ ... وإن يكن ... انها ليست بمشكلة كبيرة , كل شيء في الكون الفسيح له مثيل ومقابل
فطاقة اليـن مقابلها اليانق, ولا يوجد مقبس ذا إتجاه واحد فهناك اتجاه للأعلى يفتحه وإتجاه للأسفل يغلقه
لقد أصيبت الفردة اليسرى من الحذاء بالطلاء المشئوم ..يا اللهي لأعالج هذه المشكلة فيما بعد ...
جلبت محفظة نقودي .. اتذكر وجه السائق وحاجبيه يرفرفان وعينيه القذرتين التي عرتني بنظراتها و اشعرتني بأن مهما يحدث, مهما افعل اظل فتاة ...!!
وظل يريني كيف استطاع ان يرغم انفي و ينتصر من الزيادة التي اخذها فوق سعر التوصيلة والانتظار مدعياً انه انتظرني لقرن وهو يغمز بعينه الحمراء المقززه , ويريني العداد العتيق و الذي اجزم لو نستعين بأعمى لأخبرنا انه خاضع لسيطرته وتلاعب حاجبيه
حملت أمتعتي من سيارته وغادر مسرعا ليمتص زبوناً اخر بحواجبه الراقصة ....
حملي لأمتعتي يرسم امامي صور كثيرة ,صور تذكرني بكل شيء !! كلغز انتشرت قطعة امامي وعلي ان اجمعها لكي استكشف الصورة كاملة بدلاً من الصور المشوهة .... في طريقي للمنزل وبالدرج ...
تساقطن خلفي واحده تلو الأخرى , احملهن, و صلت بالسلامة لباب منزلي اخيراً وهن يرافـقنني من يميني ومن يساري
_ اقصد حقائبي _
دخلت منزلي مرهقةً, اشعر بأكتافي تئن واسمع فقرات ظهري يتشاورن في امر هجري وتأديبي, انزلت حقائبي في الأسفل جانب الباب المشئوم, هرعت ارى ما جرى لحذائي , يوجد بعض قطع الأثاث العتيقة التي تحمل رائحة منزلي القديم,
ورائحة اصدقائي و اخي ورائحة ذكرياتي و مزاجاتي المتقلبة ,لما لكل شيء رائحة ؟
لقد نقلت هذه القطع للمنزل بعشوائية صباح اليوم قبل ذهابي لعملي الصباحي , جلست على الكرسي الخشبي
الذي اعتاد اخي الجلوس عليه مقلوبا ثم التباهي بجلوسه عليه وقدرته على إيقافه على قدم واحده كبهلوان, اتفحص حذائي..
لقد جف الطلاء وظل لاصقاً , باليمنى ..لا بأس ,اعتقد انها بحاجه لزينة على جبينها,كم كثيرة هي الذكريات التي كالطلاء ان كانت في المكان و الزمان المناسب اصبحت لوحات فنية وذكريات مبهجة, وإن كانت في المكان او الزمان الغير مناسبين اصبحت اخطاء فادحة و مشئومة كما هي في حذائي ... لحقت فردتي اليسرى لأبعد عنها وسم الطلاء , اعتقد يكفيهما توافقاً حتى الآن
حسناً .. لقد ازلت ما باليسرى , سنرى ما سنستطيع فعله غداً مع الفردة اليمنى
تأبطت حقيبتي القماش البيضاء اللون المهداه لي في عيد ميلادي الماضي و التي تحمل كم من كتبي المفضلة والبقية في حقيبتي القابعة بجانب الباب
ألم أقل اني اكره اللون الأبيض ؟ .. كم اكرهه ! اشعر بأنه شيء فارغ , قابل فقط للمليء فقط من قبل المرض و الأوساخ ..!!
توجهت لغرفتي , غرفة فسيحة, شعرت بارتياح حينما دخلتها اللا يراودك احيانا الشعور بالحب لمكان ما بمجرد دخولك اياه , حتى لو كنت لم تجربه حتى الآن ؟ رد علي الجزء المظلم الذي بداخلي : نعم فأنت بشري غبي تخدعك المظاهر كما .... التفت يمنة ويسره بسرعة بحثاً عن شيء يبعدني عن التعمق بجزئي هذا فهو سيردني لأسفل سافلين , سيردني لما كنت عليه ..!
اطيل النظر بحنايا الغرفة , حسناً انها جميلة , اتخيلني الآن امضي بها وقتاً ممتعاً , الأهم ان لآ يشاركني بها أحد فترتبط رائحتها بذكراه, لقد مللت تغيير الغرف , مللت الهرب !!
النافذة تطل على الحديقة العامة , يا لحظي لم الحظ هذا , فتحت النافذة , الجو عليل , نسمة هواء باردة , وجو هادئ .
تحت النافذة يوجد مكتبي , وبالزاوية المليئة بالغبار توجد المكتبة التي لم تثبت جيداً على الجدار
حمداً لله انني نقلت سريري لغرفتي ,الآن ليس بي قوة لتحريك شيء قيد أنملة
سريري غير مرتب , كالعادة ..
لكن لا يوجد من يتبرم من عدم ترتيب غرفتي ...
يتبرم من عدم ترتيب غرفتي !
يتبرم من عدم ترتيب غرفتي !!
.
هيا , توقفي عن التفكير بالموتى !!
.
.
سقطت على سريري وبيدي رواية ( كوميديا الأخطاء - شكسبير)
وحينما قرأت العنوان لم افتح الرواية بعد , شعرت بخدر وجاء سلطان النوم على بساطه يأمرني بإغلاق جفوني
لم استطع المقاومة أكثر , رفعت رايتي وأغلقت جفوني , وأثناء انتقالي من مرحلة النعاس للنوم , تذكرت انني لم اشبك
قابس الثلاجة الكهربائية في الكهرباء, لم يعد لي سيطرة .. استسلمت للنوم العميق..
يتبع ...